قـد عـرفـتـم المـوضوع من العنوان نـفـسـه ُمـا الـفـرق بيـن الإسـمـيـن رغـم أنـهـم يتشـابـهـان ومـعـنـاهـما واحد
لـمـاذا يـتـكـرر في الـقـرآن بصيغ مـخـتـلـفـه في
قوله تعالى بـأسم الـغـفـور ::
{ قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم }
وقـولـه تـعـالى بـأسم الـغـفـار ::
{وقـلـت اسـتـغـفـروا ربـكـم إنـه كـان غـفـار } وغـيـرهـا آيـات .
هـل هـو مـن عـظـيـم أعـجـاز الله أم فـيـه فـرق بـيـنـهـما !!
كتاب الدكتور : محمد راتب النابلسي ..
بعنوان : موسوعة أسماء الله الحسنى ..
والحقيقة أنه كتاب راااائع جداً ..
لعلي أقف معكم ببعض ما وقف مؤلفه عليه والذي لفت نظري فيه .. وسأكتب بأسلوبي الشخصي في ذلك مقتطعاً بعض ما كتبه المؤلف عنه ..
فمن ذلك .. حيث وقف مع اسم [ الغفار ] :
معناه :
من المغفرة والستر والعفو والتجاوز ..
لاحظوا معي قليلاً :
جاء في القرآن بعدة صيغ منها :
[ صيغة غافر ] ( غافر الذنب وقابل التوب .. ) الآية .. سورة غافر ..
[ صيغة الغفور ] ( وربك الغفور ذو الرحمة .. ) الآية .. الكهف ..
[ صيغة غفار ] ( وإني لغفار لمن تاب .. ) الآية .. طه ..
يقول الدكتور محمد : " وهذه الأسماء كلها مشتقة من مصدر واحد وهو المغفرة " ج 1 / صـ 174
ويقول :
" قال بعض العلماء : الإنسان إذا عصى الله عزوجل وصف في القرآن بأنه ظلوم وبأنه ظلاّم .
قال تعالى :
( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ) فاطر ..
وقال سبحانه وتعالى :
( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ) الأحزاب ..
وقال سبحانه وتعالى :
( قل يا عبادي الذين أسرفواعلى أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفرالذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) الزمر ..
فالمسرف ظلاّم على صيغة المبالغة ..
فإذا كان العبد ظالماً فالله غافر ..
وإذا كان ظلوماً فالله عفور ..
وإذا كان العبد ظلاّماً فالله سبحانه غفّار ..
بأية صيغة أتى بها العبد المعصية فهناك اسم لله عزوجل يقابل هذه المعصية .." انتهى كلامه .. ج 1 / صـ 174
ولعلي أقف معكم موقفٌ آخر ذكره الدكتور محمد رااائع جداً ..
يقول :
" هناك شيء آخر بالنسبة لهذا الاسم [ الغفار ] أن الآيات التي وردت في هذا الاسم وردت :
[ بصيغة الماضي ] فقال سبحانه : ( ... فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مئاب ) ص
[ بصيغة الفعل المضارع ] فقال عزو جل : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ... ) الآية .. النساء
[ بصيغة الأمر ] فقال عزوجل : ( ... ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا .. ) الآية .. آل عمران ..
[ بصيغة المصدر ] فقال عزوجل : ( ... غفرانك ربناوإليك المصير ) البقرة ..
وغيرها من الآيات ..
والمعنى :
أنّ الله يغفر لك ما مضى ..
ويغفر لك الآن ..
ويغفر لك في المستقبل .. " انتهى ج 1 / صـ 176
قلتُ :
ما أحلمك يا الله .. وما أعظمك .. وما أوسع رحمتك ..
فاللهم ارحمنا واعفُ عنا .. واستر عيوبنا ..
كلمة
غافر : أنه يغفر الذنب الواحد .. غافر الذنب
والغفور .. هو من يغفر الذنوب العظام غفور : كثير المغفرة، أي يغفر و لا يبالي فهو يغفر الذنوب بالجملة و لا يحاسب عليها
و أما الغفار .. هو من يغفر الذنوب الكثيرة . وغفار : يقصد به معنى عظيم، وهو مخصص للذنوب الشديدة التي قد لا يتخيل العبد أن الله سيغفرها له (الغفار) مثلاً يعني ( الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد أخرى وكلما تكررت ذنوبهم تكررت مغفرته غفراً )......
ذكر البيهقي في كتابه الأسماء والصفات : وهو يشرح معاني هذه الأسماء يقول :
( * غافر : الذي يستر على المذنب ، ولا يؤاخذه به ، فيُشهره ويفضحه .
و * الغفار : هو المبالغ في الستر فلا يشهر الذنب في الدنيا ، ولا في الآخرة .
و * الغفور : هو الذي يكثر منه الستر على المذنبين من عباده ويزيد عفوه على مؤاخذته)
فكأنه تعالي يقول :
إذا كنت ظالماً فأنا غافر
وإذا كنت ظلوماً فأنا غفور
وإذا كنت ظلاماً فأنا غفار
( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه 82
الفرق بين غفور، غفار، غافر وعدد مرات ذكرها في القرآن:
الغفور ذُكر في القرآن 91 مرة، واسم الله الغفّار ذُكر 5 مرات، واسم الله غافر ذُكر مرة واحدة. فجاء اسم الله الغفور بكثرة في القرآن مثل ( قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) القصص الآية 16
أما اسم الله غفّار ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُم إِنَّه كَانَ غَفَّارًا ) نوح الآية 10 ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَنْ تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه الآية 82
واسم الله غافر جاء في ( غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوبِ ……) غافر الآية 3
ما قاله العلماء في معاني الأسماء الثلاثة هو أن "غافر" يغفر ذنباً واحداً، "غفور" يغفر ذنوباً كثيرة ولو كانت آلاف الذنوب، وأما "غفّار" للذنوب شديدة السوء والتي لا تُحتمل.